مختار نامه

الإبداع وليس من الحلقة الأولى بل منذ اللحظة الأولى حين تسمع صليل السيوف توحي باشتداد المعركة ثم تختفي فجأة ليظهر شخص وحيد في صحراء شاسعة وآهات كأنها أصوات قلوبنا نائحةً لغربته ووحدته فيرمي بدمٍ يملأ كفه إلى السماء لتتلقفه وتحتضنه وتختضب به وعوض أن ينزل غضبٌ إلهي على أهل الأرض لما يجري تنزل الرحمة..

تبدأ الأحداث عام ٤١ هـ من المدائن في حقل المختار وقت الحصاد ليأتي إلى المختار صديقه الفارسي كيان بخبر إصابة الإمام الحسن عليه السلام على يد أحد الخوارج بخنجر يُخشى أن يكون مسموم وليطلب منه الانضمام له وبلسمة جراح وحدته وفي ذات الوقت يتقدم فيه عمر بن سعد لأخت المختار طالباً الزواج واعداً إياها بأن تكون سيدة العراق شريطة أن تقنع أخيها بالتخلي عن الإمام الحسن.. 

كل تلك الأحداث التي جرت تُصاغ مسلسلاً يُقرّب لنا ما جرى في تلك الأيام.. وما أشبه اليوم بالبارحة,  جنود الرحمن وجنود الشيطان والناس في حيرة أعمتهم الفانية وتمسكوا بها فانجروا إلى مستنقع من الذل والمهانة آخره جهنم وبئس المصير.. يال غربة الحق في هذه الدنيا ولا زلنا نتخبط رغم أن التاريخ لا زال يعيدُ نفسه طمعاً بفاهمٍ متعظ ولكن ليس سوى الفاشلين..

اقترب الصبح ولم يبقَ سوى أن نُعد أعيننا لتقبّل نوره بعد طول واشتداد الظلمة.. بأن نأخذ شعاعاً منه ونغرسه في أرواحنا ليكون البناء الذي يربطنا بالسماء 

عن يمان التمّار قال : ( كنّا عند أبي عبد الله (ع) جلوساً فقال لنا : إن لصاحب هذا الأمر غيبة ، المتمسك فيها بدينة كالخارط للقتاد ثم قال : هكذا بيده ، فأيّكم يمسك شوك القتاد بيده ؟ ثم أطرق مليّاً ، ثم قال : إن لصاحب هذا الأمر غيبة ، فليتق الله عبد وليتمسك بدينه )*

وعن أبي بصير ، عن الإمام الصادق عليه السّلام قال : ( طوبى لمن تمسك بأمرنا في غيبة قائمنا فلم يزغ قلبه بعد الهداية )**

لمشاهدة وتحميل الحلقات

______________________________

*  اُصول الكافي 1 : 335 ـ 336 / 1 باب في الغيبة ، وكتاب الغيبة / النعماني : 169 / 11 باب 10 ، وإكمال الدين 2 : 343 / 25 باب 33 ، واثبات الوصية / المسعودي : 267 ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 455 / 465 ، والقتاد : شجر صلب ، شوكه كالابر. وخرط القتاد : مثل يضرب عند ارتكاب صعائب الامور.

**  إكمال الدين 2 : 358 / 55 باب 33 ، ومعاني الأخبار / الشيخ الصدوق : 112 / 1 باب معنى طوبى.