القوى الثلاث -2

    
    أودع الله في الانسان ثلاث قوى هي القوى : (الغضبية، الشهوية، العقلية) وقد مثّلنا لها في التدوينة السابقة (بالجيش، الأمير، الحكيم) على التوالي - هذا المثال لتقريب الفكرة - وفي نهاية هذه التدوينة سنكون قادرين على مساعدة الحكيم إن شاء الله بشرط العمل بما نتعلم .
قد تبدو لنا هذه القوى للوهلة الأولى نقصاً فينا ربما لما أشيع عنها بين الناس لكنها حقيقة مصادر كمالنا ولكن بشرط أن نحسن استخدامها ولنفعل هذا علينا أن نتعرف عليها أكثر.

أولاً: الغضبية :
وهي التي يدفع بها الانسان الأذى عن نفسه بأي صورة مشروعة أو غير مشروعة لأن نفس هذه القوة لا تميز بين الحسن والقبيح.
إذا تبعتها النفس سُميت سبعية، وفائدتها تكمن في أنها تقهر الشهوية والشيطانية حيث أنهما لاتطيعان العاقلة بسهولة .
كمالها: الشجاعة.

ثانياً: الشهوية :
وهي التي يطلب بها الإنسان المنفعة لنفسه من أكل وشرب وملبس ومنكح من دون أن تلاحظ هذه القوة فيما تطلبه الحلال من الحرام أم الطاهر من النجس أو الحسن من القبيح.
إذا تبعتها النفس سميت بهيمية، وفائدتها تكمن في الإبقاء على البدن لأنه آلة تحصيل كمال النفس.
كمالها: العفة.

ثالثاً: العقلية :
وهي التي تدرك حقائق الأمور وتميز بين الخير والشر وتأمر بالجميل وتنهى عن القبيح.
إذا تبعتها النفس سميت ملكية إلهية.
كمالها: الحكمة.

رابعاً: الوهمية:
وهي إدراك المعاني الجزئية واستنباط الحيل والدقائق التي توصل لمقاصد القوى الثلاث المتقدمة وعلى هذا فلو سخرت في خدمة القوة العقلية لبرع الإنسان في مجالات العلوم والاختراعات المفيدة، ولو سخرها في خدمة القوة البهيمية لبرع في نصب المكائد لتلبية شهواته، ولو سخرها في خدمة القوة الغضبية، لبرع في العدوان والطمع والجشع.
إذا تبعتها النفس لتوصل للأغراض بالحيل والتلبيس سميت شيطانية.

    القوى الثلاث الأولى ( كما يعبر عنها أحياناً بالأرواح)  ترغب بأشياء وتطالب بها حتى لو كانت على خلاف مصلحة القوتين الأخريين ( مثلاً كثرة الأكل تؤدي لخمول الجسد وضعف الفكر)، لذا تدور في النفس معركة دائمة وقد أُمرنا بالجهاد فيها وهو الجهاد الأكبر كما عبّر عنه الرسول صلى الله عليه وآله .  

وإذا أقام الإنسان العدالة بين هذه القوى الثلاث وسلك طريقاً وسطاً في كل منها لا إفراط فيه ولا تفريط بحيث يعطى كل ذي حق حقه ,يكتسب ملكة رابعة أو قوى رابعة هي العدالة .
وهذه الملكات الأربع: الشجاعة، العفة، الحكمة والعدالة هي أصول الأخلاق الفاضلة ( و هي سبيل الكمال) فمنها تتفرع .

وقد شبّه النراقي* اجتماع هذه القوى في الإنسان باجتماع كلب وخنزير وحكيم وشيطان في مربط واحد وأيها صار غالباً كان الحكم له، ولكي ينتصر الانسان ويحقق العدالة في نفسه عليه أن يسلط كلاً من الكلب( الغضبية) والخنزير( البهيمية) على بعضهما البعض،ويدحض أقاويل الشيطان ( الوهمية) بحجج الحكيم( العاقلة).**
فسبحان الله الذي أودع فينا طريق كمالنا وهدانا سبيل فلاحنا. 

والآن هل أدركتم ما على الحكيم أن يفعل لمواجهة السلطان وجيشه..
______________
* محمد مهدي النراقي صاحب كتاب جامع السعادات.
** هذا البحث منقول بتصرف من كتا ب التربية الروحية للسيد كمال الحيدري.
للمزيد حول هذا الموضوع راجع جهاد النفس.

هناك تعليقان (2):

  1. سعيداً من يُسيّر هذه القوى حسب شرع الله

    احسنتِ لذكركـ هذه القوى باسلوب مشوق ومبسط

    ايضاً اذكر كتاب النفس المطمئنه لشهيد دستغيب ذكر جزئيات من هذه القوى ..

    موفقه

    ردحذف
  2. أتمنى أن تكون وصلت بأسلوب سهل فعلاً
    القوى كثيرة ولكن هذه أهمها حيث أنها مصادر كمالنا إذا أحسنا استخدامها
    وفقنا جميعاً لكل خير
    شكراً لمرورك..

    ردحذف

ألقي نوراً من فكرك لنستفيد :)