بين الدنيا والآخرة



كانوا يعلمون أن الغد لن يحمل لهم إلا الموت
وبين أستار الظلام كان بإمكانهم الهروب
ولكن إلى أين.. إلى الدنيا؟
أو انتظار الصبح الذي سينقلهم إلى الآخرة
وبين الدنيا والآخرة
في تلك الفجوة الزمنية
أيهربون فرادى في الظلام
أم ينتظرون الصبح مع رجلٍ ليس على الأرض مثله
رجلٍ يثقون به تمام الثقة
لو هاجروا للدنيا فما الذي ينتظرهم هناك
كيف سيقضون أيامهم
وهل بقي لهم في العمر الكثير
هل إن رحلوا يمهلهم الزمان للقاء الأحبة
ومشاطرتهم لحظاتٍ جميلة لم يكتبها القدر بعد
هل يخشون  على قلوب أحبتهم من ألم الفقد 
هل يخشون الموت ومفارقة الروح للجسد
وهل يستطيع أحد أن يضمن لهم نهايةً تكون مفتاح للسعادة الأبدية
تركوا كل شيء وبقوا بل ثبتوا
ووعدوا بأن لو تجرعوا الموت ثم أُعيدوا للحياة لعاودوا الكرة مرةً بعد مرة حتى ييأس الموت منهم.. فهل يحققون الوعد؟
جاء الصبح الذي لم يكن ببعيد
ومع إشراق شمسه رأوا بحراً من الأعداء وميثاقاً بموتٍ أكيد
تكلم قائدهم.. بيّن حجته وغايته
هو لاينوي القتال.. وأصلاً لم ينوي المجيء لولا رسائل منهم دعته 
لم دعوه مادموا سيقابلونه بسيف الموت؟
أنصت الأنصار وارتعشت قلوبهم
ولم يكونوا وحدهم في ذلك
فقد تقدمت ثلةٌ من الأعداء نادمة.. ترجو قبول التوبة الصادقة.. وتتمنى الموت في هذا الجانب.. وبين يدي هذا القائد لأنهم أيقنوا أن الحق معه
وبجودٍ وحبٍ تقبّلهم القائد العظيم ناسياً كل إساءة سابقة
هذا رد الثلة، أما البقية فقد ردوا بالنبال
وكانت هي رسلهم لبدء الحرب
دارت المعركة واستبسل الأنصار فتساقط الأعداء ومع سقوطهم يتراءى سؤال
إلى أين سيذهبون.. وأي خلودٍ سيخلدون بعد أن اختاروا هذا الطريق.. طريق الشيطان
يا الله ما أسوأ ما سيقضون به بقية حياتهم، وما من ناصرٍ أو شفيع ينقذهم مما أوقعوا أنفسهم فيه
يقولون الكثرة تغلب الشجاعة وكان الأعداء كثيرون وتكالب معهم الحر والجوع لذا كالنجوم تهاوى الأنصار
قُطّعوا وهم صامدون يحمون قائدهم
لم يخشوا الحجارة ولا السيوف ولا الرماح ولا النبال ولا الجراح
لم يخشوا الألم.. فهم في البدأ لم يخشوا الموت
فناموا على الرمضاء بابتسامة الشهداء المطمئنة وأوسمتهم جراحهم والدماء
ناموا بعد أن علموا الناس كيف يخرجون من فجوة بين الدنيا والآخرة بنصر

هناك 6 تعليقات:

  1. الصورة والكلمات معبرة اخت ترنيمات . السلام على الحسين وآل الحسين واصحاب الحسين . تحياتي لك

    ردحذف
  2. هي قبس من أنوار كربلاء
    أشكر تواجدك أخ علي خير البرية
    دمت على خط الحسين عليه السلام

    ردحذف
  3. وصفتي الملحمه الطف بكلمات موجزه بليغه

    احسنتي الوصف

    اجركـ على سيد الشهداء عليه السلام

    ونحن ايضا بحياتنا وواقعنا الان نمر بمواقف صعبه تصادفنا تكون مابين اختيار الدنيا اوالاخرهـ


    الله يعطينا عزم والثبات حتى نطلق الدنيا
    ونقول كما قال امير المؤمنين علي عليه السلام

    " يا دنيا غرّي غيري

    أبيّ تعرضتِ؟ أم إليّ تشوقتِ؟

    هيهات هيهات قد طلّقتك ثلاثاً لا رجعة لي فيك
    فعمرك قصير، وحظك يسير، وعيشك حقير
    آه آه من طول السفر وقلة الزاد ووحشة الطريق "

    ردحذف
  4. السلام عليكم...
    عظم الله اجوركم جميعا بهذا المصاب الجلل...
    سوف تبقى الثورة الحسينية كنبراس للاحرار على مدار التاريخ...
    دمت بخير...

    ردحذف
  5. عزيزتي سميحة,,
    فعلا في كثير من المواقف نصبح بين الدنيا والآخرة
    الأهم أن نثبت في هذا الامتحان بعون من الله الواحد
    ثبتنا الله واياكم على صراطه المستقيم
    شكرا غاليتي على طيب تواجدك
    دمتي في حفظ الله

    ردحذف
  6. الكتاب المفتوح,,
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    عظم الله أجورنا وأجوركم
    نعم.. ككوكب دري لا يُحجب نوره
    تبقى في قلوبنا وفي طريق كل باحثٍ عن حق
    شكرا أخي
    موفق..

    ردحذف

ألقي نوراً من فكرك لنستفيد :)