سعياً إليك 1-6

     على الشاطئ أمام البحر الأزرق الواسع أفتح ذراعيّ للنسيم الذي يحتضنني بشوق مجنون مبعثراً خصلات شعري لأبتسم كما لم أفعل منذ زمن وأرتمي على الرمال الناعمة, ليتني أبقى هكذا إلى الأبد..
أحدق في زرقة السماء اللامتناهية وأنصت لحديث النوارس وشجار الأمواج وأستمتع بدفء الشمس.. إنه النعيم بعينه
لكن ذلك الإحساس الأسود أخذ يتسلل إلى روحي ثانيةً مستولياً على حواسي لتلتفت له فتختفي ابتسامتي ويحل محلها حزنٌ سرمدي.. حزنٌ لم أعد أحتمله 
دموعي تتسلل محترقة هاربةً من نارٍ تشتعل بداخلي حركتُ يدي أبحث عن شئ أمسكه ألتجأ إليه فلم أجد سوى الرمال التي تسربت من يدي سريعاً فمددتها باحثاً عن الهواء الذي كان يداعبني منذ قليل لكنه اختفى .. تحسستُ صدري باحثاً عن أثر له ولكن مامن أثر.. جحظت عيناي .. أكاد أموت
لكنني لا أموت بل أبقى محدقاً في الدنيا التي صار يغطيها ضباب أسود
رأيت حجراً أمامي فهرولتُ إليه وتعثرت لأهوي أمامه كأنني ألتمس منه تخليصي من عذابي رفعته لأضرب به رأسي وأرتاح لكنني لم أستطع.. لم أستطع
ضعفتُ عن ذلك وارتجفت يداي .. حتى هما خانتاني لاتريدان راحتي ولكن..
هل في الموت راحة؟ كلا فأنا موقن بعذابي في القبر لما اقترفته واكتسبته
لكنني لا أريد الحياة
كما أخشى الموت
أين أهرب.. 
إلى من ألجأ.. من يرشدني.. من يحميني.. من يتقبلني.. ومن يتحنن عليّ ..
أُلقي الجواب في روعي .. الله
فرددت.. الله 
اكتسحني شئ من الهدوء والسكينة وتوقفت دموعي عن الهروب
لكن هل يقبلني الله وأنا المذنب
ردد صوت بداخلي.. نعم نعم فهو غفور رحيم
ماهذا الصوت الذي يجيبني هل هو روحي، عقلي..
أم.. الرحمة الإلهية
تساقطت دموعي وأنا ألتمس شيئاً من نور داخلي ينير كهفي المظلم.. أشتاق للصلاة
رغم أني لم أتركها يوماً لكنني أشتاق لها
أسرعت إلى البيت وجمال الحياة يحيط بي، توضأت وكأن قطرات المياه تُطهّر داخلي قبل ما تلامسه من جسدي ، أخذت التربة وترددت للحظة وأنا أرى القرآن لكني حسمت الأمر فأخذته وبدأتُ الصلاة مستشعراً كل كلمة أنطق بها وأنا أُحس بلذةٍ غريبة ورقعة النور تزداد في داخلي
وانتهت الصلاة.. كأنها كانت لمحة .. لمَ انتهت بسرعة، لا أعلم
فتحت القرآن وأخذت أقرأ وأقرأ وقلبي يتفاوت مع كلماته أملاً ألماً رجاءً وحسرة
ربي من لي غيرك
إن لم ترحمني فمن يرحمني 

هناك 10 تعليقات:

  1. رائع، وكأنها تجسيد لمناجاة
    السجاد عليه السلام:
    فارّ من سخطك إلى رضاك،
    هارب منك إليك،
    راج أحسن ما لديك ..

    ردحذف
  2. رائع ما خطت أناملك الرحمانية
    مهما سرنا وراء هذه الدنا الزائلة سنصل إلى نقطة تعيدنا إلى حيث أتينا إلى رب العالمين
    دمتي مبدعة
    بنفسجية الأنامل

    ردحذف
  3. أخ سفيد..
    وهل المهرب إلا إليه.. فهو الرحمن الرحيم
    أهلاً بك

    ردحذف
  4. عزيزتي بنفسجية الأنامل
    ربما هما نقطتان.. نقطة هي أقصى البعد ومنتهى السخط
    ونقطة أمل ورجاء لرضاه
    دمتي موفقة..

    ردحذف
  5. رائعه كعادتك
    تصوريك للاحداث بتفاصيلها مبهر
    اعجبني التسلسل في الاحساس بالجمال الحياة ثم العذاب الداخلي ثم الرغبة لانهاء العذاب ثم العوده الى الرشد والعقل والنجاة

    محطات صورتيها باسلوب جميل جداً وهكذا هي حياة الانسان

    متابعه بقية الحلقات

    ردحذف
  6. يعجز قلمي عن الرد ..!

    أبهرتيني بجمال هذا الأسلوب والصياغه


    آخ مااجمل هذه السعاده التي تكون
    بين يدي الله

    سعاده أبديه بإذن الله

    لايتخللها سواد أو ظلمه


    أمتعتيني حقا شكرا لك
    وجزاك الله كل خير

    ردحذف
  7. سميحة
    غمرتني بلطف كلماتك
    شكراً لكِ أخيتي العزيزة
    دمتي بعين الله

    ردحذف
  8. أخية راحلة..
    شكرا لكلماتك الجميلة
    يسعدني أنها راقتكِ
    أهلاً بكِ دوماً
    دمتي بعين الله

    ردحذف
  9. هكذا نحن .. مهما كنا سعداء فإن كل شيء "عدم" مادمنا بعيدين عن الله ..



    قصة مثيرة وجميلة .. وسردها جميل كالمعتاد ..

    ردحذف
  10. نعم فالسعادة الحقة لا تكون إلا في نور الله
    وفي رضاه
    زهراء.. جمالها من روحك الجميلة :)
    دمتي هنا ولنا

    ردحذف

ألقي نوراً من فكرك لنستفيد :)