المغرورة

   

     كنت أود تقديم قصتي الأولى هنا بمقدمة توضح قصدي منها لكني آثرت في آخر لحظة أن أضعها بين أيديكم كما هي بلا مقدمات ليراها كل منكم بمنظاره.. 
أتمنى لكم قراءة  ممتعة 
      
     إنّه اليوم الدراسي الأول في هذا العام ورغم ذلك فقد استيقظتُ في وقتٍ متأخر ووصلتُ إلى المدرسة مع بداية الحصة الأولى, وبين الأوراق المعلقة في قسم الإعلانات في الساحة بحثتُ عن أسماء الصف الثالث ووجدت اسمي فبحثت عن أسماء صديقاتي لكن لم تكن معي في الصف ولا واحدة منهن, ذهبت إلى فصلي مع شعور عارم بالخيبة والحزن وحيرة عما سأفعله طوال سنة كاملة في فصل لا أملك فيه صديقة.
     في الصف لم أجد سوى كرسي واحد فارغ و كان بجانب المغرورة, كدتُ أن أبكي فأول يوم في سنتي الأخيرة هنا يزداد سوءاً لحظة بعد أخرى, لماذا أنا.. ولماذا هنا.. حتى إنني لا أعرف اسمها كل ما أعرفه أنها متفوقة لذا فهي متكبرة ومغرورة جداً.. لماذا تأخرت اليوم.. ماذا أفعل؟ هل أُغير مكاني أم أطلب نقلي من الفصل.. كل ذلك كان يدور في رأسي وأنا أجلس في مقعدي نظرت إليها فلم تعرني أدنى انتباه وكانت منشغلة أو متشاغلة بكتبها.
     انقضى الأسبوع الأول ولم أستطع خلاله تغيير مكاني كما لم يُسمح لي بتغيير الفصل, خلال الأسبوع المنصرم لاحظت أن زميلتي المغرورة مجتهدة فعلاً, هادئة جداً, قليلة الكلام وشديدة الانتباه لدروسها. بدأ الأسبوع الثاني و بدأ غياب المعلمات وأثناء حصة الفراغ لم أعد أحتمل الصمت, الكل يثرثر ويضحك عداي أنا والمغرورة فكانت هي تراجع دروس اليوم أما أنا فأكاد أصاب بالخرس, بعد تردد كلّمتها كنت أسألها فتجيبني باقتضاب سألتها : ما هو أكثر شيء تحبين عمله؟ فأجابتني بابتسامة : الرسم, شجعتني ابتسامتها أن أطلب منها أن تحضر معها شيئاً من رسوماتها في الغد, لكنها اعتذرت عن ذلك قائلة أنها أرسلت أفضل رسوماتها للمشاركة في مسابقة على مستوى المنطقة, أغاظني تعجرفها و قررت كشف تصنعها فأخرجت من حقيبتي المدرسية دفتر الرسم وقلماً من الرصاص وبابتسامة متكلفة أخبرتها بأني أودّ رؤيتها وهي ترسم, أمسكتْ الدفتر والقلم بهدوئها المعتاد وبدأت تشوه نقاء الصفحة البيضاء بخطوط رأيتها عشوائية, سألتها باستنكار : ماذا ترسمين؟
لكني قوبلت بالصمت فكأنها لم تسمعني, نظرتُ إليها فكان القلم في يدها وكأنه جزء منها منذ الأزل أما نظراتها فكانت غارقةً في الورق, لم أنتبه إلا وهي تُخبرني بانتهائها بابتسامة, نظرتُ إلى الورقة وقد تلبستني فكرة مسبقة عما سأرى فقلت : أكيد أن .. ولم أُكمل فقد أذهلني ما رأيت, وكيف أن تلك الخطوط العقيمة تحولت إلى لوحةٍ آيةٍ في الروعة, لم أعرف ماذا أقول فإذا بها تبتدرني قائلة : أهديها لكي..فهل تقبلينها كعربون صداقةٍ ومحبة؟ وقد أشارت إلى بضع كلماتٍ لطيفةٍ خطتها خلف اللوحة..
بعد لحظات من الصمت فرضتها المفاجأة هززتُ رأسي بالإيجاب ولم أفتر سوى عن ابتسامة وطال صمتي المعبق بالخجل..

هناك 6 تعليقات:

  1. راااااااااااائعة بحق


    كم من المرات نخدع بالمظهر و الاشاعات عن الحقيقة


    أعجبتني جداً

    دمت بحفظ الرحمن :)

    ردحذف
  2. عذراً على تأخر الرد ^ ^"
    يسعدني أن تكون أعجبتكِ عزيزتي
    كوني دوماً بالجوار أخية
    موفقين جميعاً إن شاء الله

    ردحذف
  3. شوفي تعبت وانا اكتب رد وش طوله

    بس النت ماجعله يعتمد وضع تعبي ..

    ولكن حبيت اقولك قصه رائعه جدا وكثير يصادفنا بالحياة وللاسف لا نتعبر بكثير من الاوقات

    ردحذف
  4. ههههه تحصل في أحسن العايلات :)
    الحياة تجارب والمهم الإنسان يحاول الاستفادة منها وما يركز ع الأخطاء والفشل

    ردحذف
  5. الحكم على الإنسان من مظهره ودون تجربته كارثه !

    للإسف كنت أتخذ طريقة الحكم هذه أسلوباً طوال دراستي المتوسطة والإعدادية ..


    لكني بعد إن دخلت حيز الجامعة وآفاقها المتسعة وجربت إختلاف النظريات وصُدمت بالمعادن"النفيسه"التي تختفي خلف مظاهر لم أتوقع إنها تحملها قررت إلا أعود لهكذا طريقة حكمٍ أبداً ..


    ودائماً مايكون المحيط هو السبب االأول والأخير في صنع المغرور أو المتعجرف أو المنحرف أو المتفوق ..


    سردٌ أعجبني .. وأسلوب شيق .. وإختصار غاية في الرشاقة والإناقة ..

    ردحذف
  6. دائماً ماتخجليني بلطف عباراتك عزيزتي زهراء
    حقاً هناك كنوز مختفية خلف مالا نتوقع فليس كل ما يلمع ذهبا
    دمتِ بخير

    ردحذف

ألقي نوراً من فكرك لنستفيد :)